عندما تناولت السينما بعضًا من آلام القضية!

عادل إمام


في نهاية فيلم السفارة في العمارة، عادل إمام بيعمل مشهد بديع اوي في الحقيقة .. مؤثر وقوي .. وفيه تلميح بالرمزية للي حصل تاريخيًا !!


مشهد رئيس Master Scene .. أتحولت فيه الشخصية المحورية من القالب الرئيسي والخط اللي ماشي عليه طول الفيلم، إلى شخص آخر وكاراكتر تاني خالص! 


أتغيرت الشخصية 180 درجة، علشان يظهر بشكل تاني خالص، وكأنه اتولد من جديد، شخص غير اللي أنت شوفته طوال العمل! 


كمان المشهد ده اتعمل فيه كل حاجة علشان تنجحه وتعلى به، كادرات عظيمة، مزيكا عمر الخيرات اللي في الخلفية عملت حالة بديعة متفردة من الشجن واليأس والخسران، مع استخدام الوتريات بكثافة علشان تخدم الغرض ده، بجانب تتابع الكادرات وتنسيقها عمل قصة كبيرة لمشهد عظيم لا يتعدى زمنه بضع دقائق، وبدون أي كلام، كادرات وموسيقى وتعبيرات وجه وعيون!


يبدأ المشهد بـ "شريف خيري" بعد أن رضخ لطلب السفير (بعد التلميح بفضحه)، ليترك لهم بيته، ليبدأوا تدريجيًا في ملأه -(خد بالك من الرمزية)- قال له في البداية: هناخد حتة بسيطة علشان الضيوف عندنا زاد عددهم، وساعات بسيطة وهنسيب المكان خالص .. وبعد دقائق وجد بيته كله قد تم أخذه .. كله اتملا بيهم .. ولم يتركوا له فيه مكان ليقعد حتى!!


شخصية "شريف خيري" الأولى في العمل، لم يستطع حتى أن يحافظ على بيته، نتيجة ضعفه ونزوله على رغباته وشهواته وتفاهته وأنه لا يحمل أي مبدأ أو قيمة ثابتة في حياته، مجرد إنسان يعيش لإشباع رغباته ونزواته، بدون قيمة أوهدف أومضمون.


يبدأون في احtلال منزله حرفيًا، ليجد نفسه لا مكان له في النهاية داخل بيته، ثم يخرج من منزله، في إشارة رمزية إلى الخسران الكبير.


يبدأ في نزول الدرج، وفي الخلفية مزيكا عمر خيرت وصوت الولد الصغير ابن زميله في العمل "يا بختك يا عم، راجع بلدك"! 


ثم ينزل ولكنه مازال في أعلى الدرج، ويتعالى الهتاف في الخلفية وكأنه من ذاكرته "شريف خيري رمز الصمود"، ثم لا يلبث عند نزوله في الزاوية المظلمة أن يتعالى الهتاف في الخلفية "شريف خيري الخاين العميل"، لينزل في النهاية، ويجد التلفاز يبث صورة الولد الصغير وهو شhيدًا محمولاً على الأكتاف، لينهار معها، ويدرك أن هذا الصغير قد ضحى بأغلى ما يملك (حياته) في مقابل مباديء وقيم آمن بها، وهو الكهل لم يستطع أن يفعل ذلك! 


لتتحول الشخصية تمامًا عند هذا المشهد، ويصعد الدرج ثانيًة في إشارة رمزية إلى إرتقاءه، ويقوم بطرد كل من اغتصبوا منزله وبشكل عنيف هستيري، مع تصعيد عظيم لموسيقى عمر خيرت الأسطورية.


المشهد ده كل مرة بشوفه أنفعل بنفس القدر، وأتفاعل بنفس القدر، وكأني أراه لأول مرة، ودي هي العظمة وقوة التأثير!


عادل إمام لم يتحدث كثيرًا ولكنه صنع بعينيه مشهدًا لا يُنسى في الحقيقة.


المشهد ده عظيم جدًا يا جماعة .. والفيلم كله في الحقيقة، ولست أدري لماذا لم يأخذ حقه الفني بشكل كبير.